mercredi 27 septembre 2017

أنوار الفجر في مجالس الذكر

من الكتب التي فجعت الأمة المسلمة به، فضياعه حسرة وأية حسرة، أملاه الإمام ابن العربي في عشرين سنة ونيف، وهو أصل كثير من كتبه، ومنه استخرج (الأحكام)، و(السراج)، و(الناسخ والمنسوخ)، وظهر لي أنه صنفه على الأبواب، وجعله كتبا، وكثير من الكتب التي يذكرها القاضي هي من مباحثه ومطالبه، وهو كتاب وسيع لم يعرف في الإسلام مثله، ولا اسطاع أحد أن يقاربه، بله أن يجاوزه، والله ثم والله ما اكتحلت عين عالم بمثله، وهو مفخرة الإسلام، وبه وبأمثاله تعلو هذه الأمة على غيرها من الأمم، خصلة شريفة، ودرة منيفة، ركن قائم، وعز دائم، ويكفيك تنبيها على مكانته، أن من آيات الكتاب الحكيم ما جعل تفسيره في سفر ضخم، ينوء بحمله أولو القوة وذوو المرة، ومن غرائب ما تضمنه تفسير قوله تعالى: (لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين)، قال القاضي: (قد جمعناها ألف آية، وأمليناها عليكم في أنوار الفجر مجردة، لمن يريد الاعتبار بها)، فيا لله، ما هذا العجب؟ وما هذا العلم الذي يبلغ بصاحبه أن يملي في كلمة من آية ألف نكتة؟ ما علمنا هذا في طوق البشر؛ إلا أن يكون من الملهمين المفهمين، (يوتي الحكمة من يشاء)، فرحم الله القاضي، ورحم الله فنونه وعلومه.